لنبني معا مستقبل دولتنا

تعد إدارة الشؤون العامة قضية معقدة ومتعددة الأبعاد تستحوذ على انتباه جميع الفاعلين في المجتمع الموريتاني. وإذا كانت التحديات قائمة، فإن الجهات المختصة تبذل جهودًا ملحوظة لتحديث الدولة وتحسين الحياة اليومية للمواطنين. بروح بناءة، ينبغي الاعتراف بما تم إحرازه من تقدم مع تحديد سبل التحسين الممكنة، في حوار هادئ بين الحكومة والمؤسسات والمجتمع المدني.
تمتلك موريتانيا إمكانيات كبيرة، سواء على مستوى الموارد الطبيعية أو رأس المال البشري. وقد أطلقت الحكومة، الواعية بتوقعات السكان، عدة إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين الإدارة العامة. كما تم إطلاق مبادرات رقمنة بعض الخدمات الإدارية، مما يعبر عن إرادة لتبسيط الإجراءات للمستخدمين. علاوة على ذلك، فإن وضع أطر تشريعية معززة في مجال المناقصات ومكافحة الفساد يدل على اهتمام حقيقي بمسألة الحكم الرشيد.
ومع ذلك، كما هو الحال في أي ديناميكية تحول، لا تزال هناك حاجة لإجراء تعديلات للاستجابة الكاملة لاحتياجات إدارة مرنة وشفافة وموجهة نحو الخدمة العامة. الهدف المشترك هو تعزيز فعالية السياسات المنفذة، لصالح المصلحة العامة والتنمية المتوازنة للبلاد.
تُعد مواصلة تحديث الإدارة أولوية مشتركة. إن تسريع رقمنة الإجراءات، التي بدأت بالفعل، من شأنه أن يحقق مكاسب في الكفاءة والشفافية، فضلاً عن تسهيل وصول المواطنين ورواد الأعمال إلى الخدمات العامة. هذا التطور التقني يمكن أن يرافقه تعزيز لقدرات موظفي الدولة، من خلال برامج تدريب مستمرة تركز على الابتكار وجودة الاستقبال.
علاوة على ذلك، فإن تعزيز آليات الشفافية ومساءلة المسؤولين ضروري لتغذية الثقة بين الإدارة والمواطنين. إن النشر المنتظم لمعلومات واضحة حول المشاريع الكبرى والميزانيات، بهدف تعليمي/توعوي، يمكن أن يعزز فهم المواطنين وإيمانهم بالإجراءات العامة وقبولهم لها. وقد أظهرت الحكومة انفتاحها في هذا المجال، ومن المرغوب أن تستمر هذه الديناميكية.
كما يُعد تعزيز الجدارة والإنصاف في التوظيف وإدارة المسارات الوظيفية داخل الوظيفة العامة رافعة مهمة لتثمين الكفاءات وتحسين أداء الدولة. والمؤسسات المسؤولة عن هذه العمليات تلعب دورًا حاسمًا وتستحق الدعم في مهمتها.
أخيرًا، لا مركزية مدروسة، ترتبط ارتباطًا كاملًا بالجماعات المحلية، يمكن أن تسمح بتكييف أفضل للإجراءات العامة مع الواقع المحلي. وهذا النهج التكميلي من شأنه أن يعزز قرب الإدارة واستجابتها.
لا يمكن مواجهة تحديات الحكم إلا بعمل جماعي ومشترك. تعمل الحكومة، بدفع من سلطاتها العليا، على خلق بيئة مواتية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويعد المجتمع المدني والقطاع الخاص والشركاء الدوليون فاعلين ثمينين في هذا الزخم التحديثي. يمكن لملاحظاتهم وخبراتهم واقتراحاتهم، المُقدمة بروح من الحوار الاحترامي، أن تُغني الفكر والعمل العام بشكل مفيد.
موريتانيا على مسار تقدم. الإصلاحات الجارية، وإن كانت تتطلب أحيانًا جهدًا، يهدف إلى بناء أسس إدارة أكثر فعالية وأقرب إلى هموم الموريتانيين المشروعة. ومن المهم دعم هذه الجهود بثقة وواقعية، مع الإقرار بأن تحسين الإدارة العامة هو عملية مستمرة تتطلب الصبر والمثابرة والتعاون من الجميع.
ختامًا، فإن الطموح المشترك هو تزويد موريتانيا بحكم رشيد قوي شامل وموجه نحو المستقبل. لقد وُضعت الأسس، وتعهد الأطراف المعنية المختلفة يبشر بإمكانية تحقيق تقدم كبير لرفاهية جميع المواطنين وازدهار البلاد المستدام.

السيد محمد أبيبكر
عقيد متقاعد